أخبار عاجلة

التغيير إلى النقدي.. رؤية جديدة لعدالة اجتماعية أعمق

التغيير إلى النقدي.. رؤية جديدة لعدالة اجتماعية أعمق
التغيير إلى النقدي.. رؤية جديدة لعدالة اجتماعية أعمق

في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها مصر، تظهر الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسات الاجتماعية التي تتبعها الدولة،  أحد أهم الملفات على الطاولة اليوم هو تحويل الدعم العيني إلى نقدي، وهو ليس مجرد إجراء تقني، بل يمثل خطوة محورية نحو تحقيق عدالة اجتماعية شاملة تخدم الفئات الأكثر احتياجًا بشكل مباشر وفعّال.

من خلال متابعتي كعضو في مجلس الشيوخ، لمست بشكل واضح كيف أن الدعم العيني رغم فوائده الظاهرة، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بإهدار الموارد، وتسلل الدعم إلى غير مستحقي، . وهذا ليس اتهامًا لأي جهة، لكنه واقع يفرض علينا التفكير في حلول أكثر فعالية. فالنظام الحالي الذي يقوم على دعم سلع مثل الخبز والزيت والسكر، قد أثبت أنه عرضة للتلاعب من قبل بعض التجار الجشعين الذين يستغلون هذه الموارد لتحقيق مكاسب غير مشروعة، وهو ما يضر بمصلحة المواطن البسيط.


تحويل الدعم العيني إلى نقدي يعد خطوة جريئة تتطلب دراسة متأنية،  فالدعم النقدي، إذا تم تنفيذه بشكل صحيح، يمكن أن يكون أداة قوية لضمان وصول الأموال بشكل مباشر إلى من يحتاجها بالفعل، و عندما يتلقى المواطنون الأموال بشكل نقدي، يمكنهم استخدام هذه الموارد في تلبية احتياجاتهم الأساسية وفقًا لأولوياتهم الشخصية، وهذا بدوره يقلل من فرصة التلاعب ويضمن وصول الدعم للمستحقين الحقيقيين.

إحدى أهم المزايا التي أراها في النظام النقدي هي تقليل الأعباء الإدارية المتعلقة بتوزيع السلع المدعمة، مما يعزز من كفاءة إدارة الموارد العامة،  فعندما نتحدث عن اقتصاد يسعى إلى تحقيق النمو المستدام، فإن كفاءة توجيه الموارد تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار المالي للدولة، و التحول إلى نظام نقدي يعني توجيه هذه الموارد بطريقة أكثر دقة وشفافية، مما يحد من إهدار المال العام ويُخفف من الأعباء على الميزانية العامة.

أود أن أشير إلى أهمية الحوار الوطني كمنصة حيوية لبحث هذا الملف، ولا يمكن اتخاذ قرار مثل هذا دون الاستماع إلى مختلف وجهات النظر من المتخصصين والخبراء والأطراف المعنية. الحكومة، بالتعاون مع البرلمان، تعمل بجدية على دراسة هذا الملف من كافة جوانبه، وسيتم طرحه للنقاش ضمن الحوار الوطني، و أرى أن الحوار سيُسهم في طرح أفكار مبتكرة وآليات جديدة لضمان أن يتحقق الهدف الأساسي وهو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للمواطنين.

كما أن إشراك الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين والمجتمع المدني في هذا النقاش سيضمن أن نخرج بتوصيات تستند إلى دراسات وأبحاث معمقة، تضمن أن الدعم النقدي لن يؤثر سلبًا على استقرار الأسواق، وأن يتم تطبيقه بآليات رقابية صارمة لمنع أي تلاعب أو استغلال.


بالطبع، أي تحول كبير كهذا لن يكون بدون تحديات،  هناك مخاوف مشروعة تتعلق بقدرة النظام الجديد على منع التلاعب وضمان استقرار الأسعار، فهناك من يرى أن توفير الأموال النقدية للمواطنين قد يؤدي إلى زيادة الطلب على بعض السلع، مما يدفع بأسعارها إلى الارتفاع،  وهذا احتمال يجب أن نأخذه بجدية، لكنني أؤمن أن الحل يكمن في وجود منظومة رقابية صارمة تُشرف على توزيع الأموال وتراقب الأسواق عن كثب، حيث أنه إذا تم تطبيق الرقابة بشكل فعال، يمكننا الحد من أي تأثيرات سلبية وضمان استفادة المواطنين بشكل حقيقي، كما يجب أن يتم توجيه الدعم النقدي وفق آلية محددة تضمن استخدامه في تلبية الاحتياجات الأساسية، وليس الترفيهية.

إن التحول من الدعم العيني إلى النقدي ليس مجرد تغيير تقني في السياسات الاجتماعية، بل هو خطوة نحو بناء مستقبل أكثر عدالة واستقرارًا، والدولة المصرية تسعى بجدية إلى حماية الفئات الأكثر احتياجًا، وضمان توفير حياة كريمة للجميع. أنا على يقين أن هذا التحول، إذا تم تنفيذه بالشكل الصحيح، سيكون خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف.

أدعو الجميع إلى المشاركة الفعالة في الحوار الوطني حول هذا الموضوع، وإبداء آرائهم ومقترحاتهم لضمان أن نصل إلى أفضل الصيغ التي تُحقق الفائدة للمواطنين وللدولة على حد سواء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اليونيسف تُشدد على ضرورة إنهاء العنف ضد الأطفال في السودان
التالى «التعليم» تعلن آخر موعد للتقديم في المدارس اليابانية بالفروع الجديدة