بعبارات “الأسف والحسرة” علّقت فئات مهنية مغربية على عدم عقد جولة ثانية من الحوار الاجتماعي المركزي بين الحكومة والمركزيات النقابية، والتي كانت مبرمجة أساسا في شتنبر الماض؛ وذلك بعدما كانت مراهِنةً عليها من أجل حلحلة ملفاتها المطلبية التي ترى أنها “عمّرت طويلا”.
وظل “الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة” إلى جانب “الهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب” معولين، خلال الأشهر الماضية، على الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي التي لم تعقد بعد؛ وذلك بعدما أشارت مخرجات اتفاق 29 أبريل الماضي إلى أنه “فيما يتعلق بالملفات الفئوية ستتم مواصلة العمل على معالجتها وفق مقاربة تشاركية، لاسيما من خلال مراجعة الأنظمة الأساسية الخاصة ببعض الهيئات وتجويدها”.
في هذا الصدد، قال التقنيون والمتصرفون المشتركون بين الوزارات إن هذا السياق “يعبّر عن سعي نحو تأخير هذين الملفيْن المهمين، اللذيْن يتضمنان أساسا مجموعة من المطالب الاجتماعية والاقتصادية، على رأسها إقرار أنظمة أساسية جديدة وتأكيد زيادات جديدة في الأجور”، مؤكدين في الآن ذاته “صعوبة انتظار جولة جديدة”.
وكان خليل هوير العلمي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، سجّل، في كلمته ضمن أشغال المجلس الوطني للمركزية النقابية، منذ أسبوع، أن “الحكومة من خلال سلوكها أثبتت أنها لا تؤمن بالحوار الاجتماعي المؤسساتي، إذ لم تستدع النقابات للمرة الثانية تواليا لجولة شتنبر 2024 التي من المفروض أن تناقش مشروع قانون المالية، من أجل أخذ رأي النقابات فيه وكذلك مناقشة مجموعة من الملفات الاجتماعية والمطالب العالقة لقطاعاتٍ وفئاتٍ مهنية”.
متصرفون ينتظرون
فاطمة بنعدي، رئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، قالت إنه “تم خلال جلسات الحوار الاجتماعي السابقة تأجيل البت في ملفنا إلى جانب ملفات أخرى، وتم ربط تصفيته بشرط عقد جولات أخرى؛ وهو ما لم يحدث إلى حدوث الساعة، مع عدم عقد الجولة التي كانت مقررة في شتنبر الماضي”، موضحة أن “هذه الاستراتيجية ربما الهدف منها هو تأخير البت في هذا الملف وربح المزيد من الوقت، وهو ما ليس في صالحنا كفئة اجتماعية بأغلب الإدارات والمؤسسات العمومية”.
وأضافت بنعدي، في تصريح لهسبريس، أن “تأخير تسوية ملفنا كمتصرفين مشتركين بين الوزارات يحدث موازاة مع تصفية ملفات متصرفين آخرين ببعض الوزارات، وهو ما نطمح إليه نحن كذلك في إطار مساعي ضمان عدالة أجرية؛ فربما هذا الأمر يتعلق بالقدرة التي يتوفر عليها كل طرف من أجل عرقلة مرفق عام معين”.
وعلى الرغم من استفادة المتصرفين من الزيادة العامة في الأجور التي تم إقرارها مؤخرا والتي تبلغ ألف درهم على شطرين، فإن هؤلاء، وفق بنعدي، “يراهنون على زيادة أخرى في الأجور، ما دام أن إصلاحات صناديق التقاعد ستنعكس سلبا على أجورهم”، مع استنكار هذه الأخيرة لـ”استثنائهم من الحوار الاجتماعي بدعوى أنهم جمعية”.
وتابعت رئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة: “نتطلع إلى إقرار النظام الأساسي الجديد بتفرعاته، ما بين المسارات المهنية والمهام التي يجب هي الأخرى أن تعرف تعديلات في هذا الصدد”، مبرزة أن “تعطّل الحوار الاجتماعي يعرقل تسوية ملفنا المطلبي ويوقفه كذلك”.
عدالة أجرية
محمد الأمين صادوق، رئيس الهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب، قال في هذا الصدد: “كفئة التقنيين بالمملكة، كان لدينا طموح من أجل حلحلة هذا الملف قبل متم سنة 2024؛ وهو ما ظهرت لنا صعوبته، خصوصا بعد عدم عقد جلسة شتنبر للحوار الاجتماعي المركزي بين الحكومة والنقابات من أجل التداول فيه”.
وأكد صادوق، في تصريح لهسبريس، أنه “من الصعب من جديد الانتظار حتى جلسة أبريل المقبل، على اعتبار أننا كفئة نشتغل في إطار نظام أساسي وحيد منذ سنة 2005؛ بما يعني أننا أمام نصٍ عمّر كثيرا ومن المفروض إقرار آخر متقدم مكانه”، موردا أن “الحكومة ربما لها نظرتها في هذا الصدد وتنتظر ربما إقرار تشريعات أخرى، بما فيها القانون التنظيمي للإضراب”.
كما ذكر المتحدث أن “التقنيين المشتركين بين الوزارات يتشبثون بتعديل النظام الأساسي الخاص بهم، إلى جانب الرفع من أجورهم خارج الزيادات الأخيرة، فضلا عن حذف السلمين 8 و9 وإدماج التقنيين في السلم 10 مباشرة”، متابعا: “نبحث أساسا عن العدالة الأجرية، فمن غير المعقول أن يشتغل التقني في البداية بحوالي 5 آلاف درهم”.
وتأسف رئيس الهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب لـ”عدم حلحلة ملفهم خلال سنة 2024 كاملة، على اعتبار أن ذلك يعني تأخير الوصول إلى الحل من جديد؛ الأمر الذي يُعاب كذلك على النقابات التي قمنا بإمدادها بملفنا المطلبي، لكن ولا واحدة منها استقبلتنا”، حسب تعبيره.