توثّق سلسلةٌ موجهة إلى القرّاء الأطفال، أعلاما للمقاومة المغربية للاحتلال الأجنبي من قبيل محمد بن عبد الكريم الخطابي وعسو أوبسلام وموحا أوحمو الزياني وأحمد الهيبة والشريف محمد أمزيان وأحمد الحنصالي ومحمد الزرقطوني وآخَرين كُثرا، كما تصون ذكرى أحداث تاريخية مهمة من قبيل رحلة محمد الخامس إلى طنجة ومعركة الهري ومعركة أنوال والقصف الفرنسي للدار البيضاء سنة 1907، فضلا عن توثيق قصص شهداء مغاربة في سبيل استقلال الجارة الجزائر.
هذه المبادرة فاقت عدد قصصها الثمانين، ضمن سلسلات متعددة، وهي منشورات موجهة إلى الأطفال باللغة العربية، ومصوّرة بالكامل برسومات ترفق الحكي التاريخي للخلَف، مع صدور بعض القصص باللغة الفرنسية، عن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
وكتب هذه النصوص القصصية قصّاصون متعدّدون عبر السنوات، ويستمرّ تعزيز رصيدها، وتعرض بثمن بيع لا يتعدّى خمسة دراهم للقصّة، علما أنه في السنة الراهنة 2024 بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال توجّت المندوبية قصصا جديدة في مسابقة وطنية تهتم بالتاريخ الوطني الموجه إلى الأطفال.
ولا تقف القصص عند تاريخ المغرب ومقاومته أبناء له في القرن العشرين، بل تعود إلى أعلام ومقاومات عبر القرون السابقة من حياة المغرب؛ من قبيل معركة وادي المخازن، وخناثة بنت بكار.
وتقول كلمة المبادرة إن هذه السلسلات “تصدر في حلة جميلة ومدعمة برسومات تشخيصية، لسد الخصاص الملحوظ في النصوص القصصية، واستجابة لرغبة رواد فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير عبر التراب الوطني، في الاستزادة من مثل هذه المقروءات والمؤلفات الموجهة للناشئة وللفئات العمرية الفتية”.
وتابعت الكلمة أن العناوين المنتقاة “مكتوبة بأسلوب سلسل وبلغة شيقة” أملا في أن يجد مطالعوها الأطفال معها “متعة القراءة”، وأن “تحفز فيهم حب الاستطلاع والفضول المعرفي في تاريخنا المجيد، الطافح بالدروس والعبر والعظات، بما يؤصل في النفوس حب الوطن وشرف الانتماء إليه، ويشحذ الهمم ويذكي العزائم من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للتعبئة من أجل خدمته والتضحية في سبيل الدفاع عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية”.
ومن بين ما يُقرأ في قصة “النصر أو الشهادة” لِفردوس خطاب، قصة الاستقلال على لسان جدّ يقول لأحفاده: “أبنائي، اليوم تسنّت لي الفرصة لأحكي لكم قصة من حياتي، بل من حياة المغاربة جميعا. فلولا تضحية أبناء هذا الشعب، لما كنا نتمتع بمغربيتنا وحريتنا؛ نتمتع بالاستقلال”، ثم يروي: “الاستقلال! كلمة تنطقونها بسهولة، لكنها تحمل الكثير من المعاني. الاستقلال (…) نتيجة المقاومة التي خاضها المغاربة ضد الاستعمار. فلقد عرف المغرب ثورات ومظاهرات، مقاومين وفدائيين”.
ومما تنقله القصص تأملات طفل يسعى إلى فهم دافع التضحية في سبيل استقلال الوطن من السيطرة الأجنبية: “ربما حب الوطن. نعم، كان الهم الوحيد آنذاك هو الوطن. إنه الشعب! الشعب الذي لم ينسحب قط، كان يخجل من نطق كلمة انسحاب. شعب انقسم إلى مجموعتين: مقاومة مسلحة وفداء، ثم ثقافة ونضال. فبينما كان الفدائيون يحاربون المستعمر بعملياتهم الفدائية، كان المثقفون يدمرون نفسيته بكتاباتهم القوية. شعب أحب وعشق، قاوم وضحى واستشهد. شعبٌ كلماتنا هذه قليلة لوصفه”.