لقد خلصنا إلى أن الدول علميًا تُصنَّف كدول متقدمة ودول متخلفة، وتُصنَّف الأخيرة كدول تدور في فلك الدول المتقدمة دون أن تحقق تنمية حقيقية. يتم قيادتها بقضايا وهمية ذات صبغة عالمية تنامت في الآونة الأخيرة، مثل ثقب الأوزون، التلوث، الاحترار العالمي، التغير المناخي، والتصحر، مع تنامي التكنولوجيا للتحكم في تلك القضايا المثارة من قبل الدول المتقدمة بغرض إشغال الدول المتخلفة عن قضايا التنمية الحقيقية، يتم تصدير مصطلحات يتناولها الباحثون في الدول المتخلفة كقضايا جوهرية، مثل الهيدروجين الأخضر الذي يُنتج من تحلل الماء، وهو أحد أهم مكونات الحياة ومحور ضبط المناخ العالمي.
كذلك يتم التركيز على قضايا مثل ذوبان الجليد في القطبين وغرق بعض البلدان والمدن نتيجة الاحتباس الحراري، تدوير المخلفات، الوقود الحيوي، وانبعاث ثاني أكسيد الكربون الذي يُعد مكونًا أساسيًا في صناعة الغذاء من خلال البناء الضوئي، حيث يحوِّل النبات المكونات الميتة مثل الماء وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والكبريت إلى مكونات حية مثل البروتين، أساس المادة الوراثية والحياة على سطح الأرض.
وأثناء انشغال العالم المتخلف بقضايا هامشية، ركز العالم المتقدم على الفيزياء الإشعاعية والمغناطيسية والهندسة الوراثية للتحكم في طبيعة الأرض ومناخها. فالزلازل والسيول والفيروسات التي نعاني منها الآن تشير كثير من الدلائل إلى أنها ظواهر مصطنعة.
على الجانب الآخر، اتجهت الدول المتقدمة إلى التكنولوجيا الرقمية لسببين رئيسيين: الأول هو دمج البيولوجي والتحكم فيه رقميًا، والثاني هو إدخال دول العالم وأفرادها في دائرة رقمية لغرض الرقابة والمتابعة والاختراق. وما التقييمات للأبحاث والتصنيف العالمي للجامعات إلا وسائل رقابة من الدول المتقدمة على دول وحكومات العالم لمعرفة توجهاتها، بذلك أصبحت الدول المتخلفة محاصرة ومسيطرًا عليها من قبل الدول المتقدمة التي حكمتها بالعلم والسلاح.
إن الخروج من دائرة الرأسمالية العالمية يتطلب التحرر العلمي من خلال الانشغال الذاتي بقضايا تنمية حقيقية تعتمد على القوة والإنتاج. فالاستثمار الأجنبي هدفه الأهم هو استغلال موارد وأفراد الوطن لصالح رأس المال الأجنبي، ويعكس استعمارًا اقتصاديًا للدول الفقيرة دون أن تتطور وتعتمد على نفسها. لقد تصنَّفت قوى العالم إلى ثلاثة أقطاب متصارعة: الولايات المتحدة، روسيا، والصين، وكلها تعتمد على قوة السلاح أولًا ثم قوة الاقتصاد، ولذلك تم حصار إيران وكوريا الشمالية اقتصاديًا أكثر من الاعتماد على قوة السلاح.
لقد طورت تلك الدول أبحاثها العسكرية، التي تُعتبر من أسرار الدول التي لا يُفترض نشرها. وما قوة أنصار الله في اليمن أو حزب الله وصموده إلا حصاد تكنولوجيا عسكرية سواء منقولة أو مسروقة أو ذاتية. فأين البحث العلمي من مصادر قوة الأمم؟ إن علومًا مثل الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا تُستخدم في العالم المتقدم لصناعة أسلحة تمكنه من السيطرة على العالم، إن استقلال الدول النامية علميًا عن دائرة الدول المتقدمة يجعل لها برنامجها العلمي المستقل ويضمن لها خصوصية تلبي متطلباتها وتضمن قوتها وتقدمها.
بطبيعة الحال، أدى التحكم العسكري إلى فرض إرادة الدول المتقدمة على غيرها، وبعد انهيار الشيوعية السوفييتية، برز التوجه الرأسمالي الذي يدعم الاستغلال والاستعمار الاقتصادي للدول المتخلفة، من خلال توجيه الجامعات في كل ربوع الأرض إلى سد حاجة سوق العمل بدلًا من دفع عجلة التنمية وتسخير الطاقات الوطنية لإدارة بلادها اقتصاديًا.
إن البحث العلمي الحقيقي يجب أن يكون مخرجه قابلًا لتحقيق مطلب قومي يرفع من شأن الأوطان، بخطة متكاملة تربط البحث العلمي بالواقع المجتمعي، بحيث يكون الباحث في مجاله يقف بجانب العامل ليرى مردود أبحاثه، وهكذا نربط الجامعة بالوطن، فلا تكون مجرد آلة لتصنيع منتج أو خريج يلبي متطلبات سوق العمل، فهل الخريج الذي يكلف الدولة مبالغ طائلة هو الهدف منه في مجالات مثل البيولوجيا والكيمياء أن يكون فني معمل تحاليل أو مندوب شركة أدوية؟.
وأؤجل سؤالي: كيف نربط الجامعة بالمجتمع وليس بسوق العمل، ارتباطًا فعليًا يلبي احتياجات الوطن وليس احتياجات مستثمر أجنبي؟ وللحديث بقية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.