تستعد شركة آبل لإطلاق منتج جديد من شأنه أن يحدث ثورة في مجال أمن المنازل، وهو كاميرا أمان منزلية ثورية تعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد كشفت تقارير حديثة أن موعد طرح هذه الكاميرا في الأسواق سيكون في عام 2026، وتسعى الشركة إلى تحقيق مبيعات تتجاوز 10 ملايين وحدة سنويًا، مما يعكس طموحاتها الكبيرة في هذا القطاع الواعد.
ولكن المثير للاهتمام في هذا الأمر، أن آبل حصلت على براءة اختراع الأسبوع الماضي لتقنية مبتكرة تتيح لكاميرات المراقبة تعرف الأفراد اعتمادًا على بصمة الجسم، مما يتيح تحديد الهوية حتى في حال عدم وضوح الوجه.
ولكن كيف تعمل هذه التقنية، وما مزاياها في الكاميرات الأمنية، وكيف ستغير مجال أمن المنازل، وهل تستطيع آبل منافسة عمالقة هذا المجال، مثل أمازون وجوجل، اللتين تمتلكان بالفعل كاميرات أمنية متكاملة مع منصات المنزل الذكي الخاصة بهما؟
كيف تعمل تقنية آبل لتحديد الهوية دون رؤية الوجوه بوضوح؟
تصف براءة الاختراع رقم (12154386 2B) – التي قدمتها آبل في مايو 2022 وحصلت على الموافقة عليها في 26 من نوفمبر 2024 – تقنية جديدة تستند إلى مفهوم (تحديد الهوية باستخدام خصائص الجسم المرتبطة بالوجه)، إذ تربط هذه التقنية ملامح الوجه بخصائص جسدية أخرى مثل: شكل الجسم وقامته، وطريقة المشي، والملابس التي يرتديها الشخص، وحركات الجسم الأخرى مثل الإيماءات، مما يتيح تعرف الأشخاص حتى لو لم تكن وجوههم مرئية للكاميرا، أو مع ارتداء القناع.
وتعتمد هذه التقنية المبتكرة على إنشاء (بصمة جسدية) فريدة لكل شخص، فبعد تعرف وجه الشخص في مقطع فيديو، تحلل خصائص جسدية أخرى له مثل طريقة المشي، ونوعية الملابس، وحتى الإيماءات، وتخزن هذه المعلومات في قاعدة بيانات، وفي حال كانت جودة صور الوجه في لقطات لاحقة غير واضحة، أو كانت الإضاءة غير كافية، يمكن للنظام الاستعانة بهذه (البصمة الجسدية) لمقارنتها بالسجلات الموجودة وتحديد هوية الشخص بدقة وبسرعة. وبذلك، يوفر النظام طبقة أمان إضافية حتى في الظروف الصعبة.
وتشير براءة الاختراع إلى أن البيانات المتعلقة بالخصائص الجسدية ستُخزن لمدة محدودة، وذلك حفاظًا على الخصوصية. ووفقًا للمحلل (مينغ-تشي كو) ستدعم هذه الكاميرا منظومة (Apple Intelligence)، وستتكامل بسلاسة مع باقي منتجات آبل عبر الاتصال اللاسلكي، مما يسهل على المستخدمين التحكم فيها وإدارة الإشعارات.
ما التطبيقات المحتملة لهذه التقنية؟
تفتح هذه التقنية الجديدة كما هو موضح في طلب براءة الاختراع، آفاقًا جديدة في مجال الأمن والمراقبة، إذ يمكن تطبيقها بفاعلية في مجموعة متنوعة من الأماكن، بدءًا من المنازل والمباني المكتبية والمستودعات ووصولًا إلى الأماكن المفتوحة مثل مواقف السيارات والمتنزهات العامة.
وتجعل هذه التطبيقات المتعددة هذه التقنية أداة قيمة لتحسين الأمن وتسهيل إدارة الموارد في العديد من المجالات، كما ترفع من حدة المنافسة في هذا السوق الواسع.
تطورات الذكاء الاصطناعي في كاميرات الأمن:
لقد شهدنا بالفعل تطورًا ملحوظًا في قدرات الذكاء الاصطناعي في الكاميرات الأمنية، إذ أصبحت الكاميرات الآن قادرة على اكتشاف الأشخاص والتمييز بين أفراد الأسرة والغرباء. ولكن يبدو أن آبل تسعى إلى تجاوز هذه القدرات وتقديم تجربة أكثر ذكاءً وأمانًا، من خلال نظام قادرة على تحديد هوية الأشخاص حتى في الظروف الصعبة.
ومع ذلك، تواجه آبل منافسة قوية من عمالقة التكنولوجيا مثل أمازون وجوجل، اللتين تمتلكان بالفعل كاميرات أمنية متكاملة مع منصات المنزل الذكي الخاصة بهما، وتسعى الشركتان إلى تعزيز قدرات كاميراتهما من خلال إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي تتيح للكاميرات فهم محيطها وتقديم معلومات أكثر تفصيلًا للمستخدمين.
ولكن من المتوقع أن يكون لإطلاق كاميرا آبل، التي تدعم تقنية تحديد الهوية من بصمة الجسد تأثيرًا كبيرًا في سوق أمن المنازل الذكية، إذ ستدفع هذه الخطوة الشركات الأخرى إلى تطوير منتجات مماثلة، كما ستساهم في زيادة الوعي بأهمية أمن المنازل والحاجة إلى حلول ذكية وفعالة.
دخول آبل سوق المنازل الذكية:
تُعدّ كاميرات الأمن الذكية قطعة أساسية في المنزل الذكي، وتشهد نموًا ضخمًا في السنوات الأخيرة، لذلك ترى آبل في هذا القطاع فرصة مثالية لتوسيع نطاق منظومتها التقنية المتكاملة، إذ يمكن للمستخدمين الاستفادة من كاميرا القادمة آبل مع أجهزة أخرى مثل HomePod و Apple TV، مما يوفر تجربة مراقبة منزلية شاملة.
وتقدم آبل حاليًا خدمة (HomeKit Secure Video) التي تسمح بتخزين لقطات الفيديو المسجلة من الكاميرات في (iCloud) ومع ذلك، تدعم هذه الخدمة عددًا محدودًا من كاميرات الجهات الخارجية، مما يحد من خيارات المستخدمين، ولكن من المتوقع أن تعمل كاميرا آبل الجديدة بشكل كامل مع هذه الخدمة، وتوفر للمستخدمين المزيد من الخيارات والتخصيص.
وعلاوة على ذلك، كشف تقرير من وكالة بلومبرغ أن آبل تعمل على تطوير نظام تشغيل جديدًا يُعرف باسم (homeOS)، إلى جانب شاشة ذكية وجهاز روبوتي متطوّر يوضع على الطاولة.
وأوضح التقرير أن إستراتيجية آبل في سوق الأجهزة المنزلية الذكية تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية، وهي: تطوير شاشات ذكية متقدمة، والاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة مستخدم مخصصة، والعمل على تطوير برمجيات متكاملة تتيح إدارة الأجهزة المنزلية بكفاءة.
ولذلك تخطط آبل لإطلاق شاشات منزلية بتصميم عصري يشبه تصميم أجهزة آيباد، ويمكن وضعها في أرجاء المنزل، على غرار مكبرات الصوت من فئة HomePod، مما يتيح استخدامها لمشاهدة المحتوى، وإجراء مكالمات فيس تايم، والتحكم بالأجهزة المنزلية الذكية الأخرى.
ومن المتوقع أن يشكل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في إستراتيجية آبل للأجهزة المنزلية الذكية، فبفضل نظام (Apple Intelligence)، ستتمكن الأجهزة من فهم أوامر المستخدم بصورة أكثر دقة وتنفيذها بشكل أسرع وأكثر سلاسة، ويعني ذلك أن المستخدمين سيحصلون على تجربة منزلية ذكية متكاملة، إذ يمكنهم التحكم بالإضاءة، والحرارة، والأجهزة الصوتية، وغيرها من الأجهزة المتصلة، بكل سهولة ومرونة. كما سيُمكّن هذا النظام الأجهزة من التنبؤ باحتياجات المستخدم والتكيف معها تلقائيًا، مما يوفر تجربة أكثر شخصية.
ختامًا، تُعدّ كاميرا الأمان المنزلية الذكية من آبل خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر أمانًا وراحة، ومن المتوقع أن تشهد هذه التقنية تطورات كبيرة في السنوات القادمة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط