مطالب وتوصيات متعددة عمد عدد من مغاربة العالم إلى تضمينها في “كتاب أبيض” ابتغوا من خلاله طرح “رؤية شاملة لسياسات مستدامة تساهم في دعم طموحات الجالية المغربية في الخارج، وتسهيل اندماجها مع الحفاظ على الهوية الوطنية المغربية”.
وتحدث القائمون على تنسيق هذا الكتاب عن تحديات الهوية والتأطير اللغوي والثقافي والديني للأجيال المتعاقبة في المهجر، مؤكدين أن “التحدي يستوجب تقديم برامج شاملة ترسخ الهوية وتعزز الانتماء للوطن الأم، إذ تواجه العديد من الأسر المغربية في المهجر صعوبة في الحفاظ على هويتها”.
وطالب منسقو العمل في هذا الصدد بـ”دعم الأنشطة الثقافية في المهجر، بما فيها المبادرات التي تعنى بتعليم اللغة العربية والأمازيغية وتوفير برامج تساهم في تقوية الانتماء للثقافة المغربية، فضلا عن إنشاء مراكز ثقافية مغربية في المدن الرئيسية التي يتواجد فيها عدد كبير من مغاربة الخارج”، مسجّلين أهمية “تنظيم أنشطة ثقافية ودينية تعنى بالأجيال الشابة، وإقامة مناسبات دينية تتماشى مع خصوصيات بيئتهم الجديدة”.
ورفع هؤلاء كذلك مطالب تخص الجانب التواصلي، بما فيها “إنشاء منصات رقمية تفاعلية للتواصل مع الشباب المغاربي في المهجر والتفاعل مع وطنهم بكل سهولة، سواء عبر التواصل مع المؤسسات الحكومية أو المشاركة في المبادرات الوطنية”، لافتين كذلك الانتباه إلى مطلب يهم “تشجيع السفارات والقنصليات المغربية على لعب أدوار أكثر فاعلية من خلال برامج تواصلية وثقافية”.
وفي سياق متصل بسط مغاربة العالم الذين ساهموا في تأليف الوثيقة ذاتها مطالب ذات صبغة اجتماعية، بما فيها “العناية بالعجزة والمسنين من الجالية المغربية الذين لا أقارب لهم عند عودتهم للمغرب، وذلك من خلال توفير آليات رعاية صحية واجتماعية لهم، فضلا عن العناية بذوي الاحتياجات الخاصة”.
وألحّ طيف مغاربة العالم ذاته على ضرورة “دعم العودة النهائية والمؤقتة للجالية إلى المغرب، من خلال توفير حوافز وبرامج للراغبين في العودة الدائمة، بما فيها المساعدات المالية أو التدريب المهني وتسهيل الإدماج الاجتماعي والوظيفي”؛ كما لم يغفلوا عن إثارة مسألة “تشرد عدد من مغاربة الخارج”، إذ طالبوا بـ”تبني حلول متعددة، من بينها إنشاء مراكز للدعم وتطوير برامج لتأهيل الأفراد من الجالية للاندماج في سوق العمل، كتعليم اللغة المحلية”، مشيرين في السياق نفسه إلى “أولوية معالجة أوضاع المهاجرين غير الشرعيين والموقوفين في مراكز الهجرة”.
في سياق ثان، وعلاقة بما جاء في آخر خطاب ملكي، تطرّق أفراد الجالية كذلك لانتظاراتهم الاقتصادية من المغرب، حيث طالبوا بـ”تقديم حوافز من أجل جذب الكفاءات المغربية التي تتقاضى أجورا محترمة في بلدان الإقامة”، فضلا عن “تسهيل التراخيص لفائدة هذه الكفاءات التي تريد إنشاء مشاريع خاصة لها بالمغرب”؛ كما لم يفوتوا الفرصة دون المطالبة بـ”ضبط أسعار السفر وضمان شفافية العروض خلال موسم الصيف، من خلال وضع سقف معقول لأسعار تذاكر البواخر والطائرات لتخفيف العبء المالي عن الجالية المغربية، بما في ذلك إلزام شركات الطيران، بما فيها الخطوط الملكية المغربية، بنشر تخفيضات الصيف على منصاتها الرسمية”.
وفي السياق نفسه طالب هؤلاء بـ”ربط السفارات والقنصليات بنظام معلوماتي موحد يتيح الوصول السريع للمعلومات حول المغاربة المقيمين بالخارج، ثم إعادة فتح الرحلات الدولية لبعض المطارات الجهوية المغلقة وفتح خطوط مباشرة، إلى جانب فتح خطوط جوية وبحرية مع ليبيا”؛ مع طلبهم “سحب القانون رقم 77.19 وإلغاء معاهدة التبادل الآلي للمعلومات المالية والعقارية”.
وتضمنت الوثيقة التي طالعتها الجريدة مطالب أخرى بخصوص “تعزيز دور السلطات المغربية في دعم المواطنين خلال أزمات الحروب في دول المهجر، على ألا يقتصر التدخل على إغلاق السفارات والقنصليات أو ترحيل من يرغب في العودة، بل ابتكار حلول بديلة وسريعة تضمن استقرار الخدمات القنصلية”.
وفي الشق المتعلق بالدبلوماسية الموازية ناشد أفراد الجالية الذين يمثلون مختلف قارات العالم المسؤولينَ “تنظيم ندوات دولية ولقاءات أكاديمية يتم من خلالها تقديم مداخلات وأوراش عمل تعرض حقائق قضية الصحراء المغربية، فضلا عن تشجيع الكفاءات المغربية على إعداد بحوث متعددة اللغات تعتمد على الوقائع التاريخية والمعطيات القانونية الدقيقة”.