كثيرة هي الملاحظات والتحفظات التي يعبر عنها مهنيو قطاع الصيد البحري، من نقابيين وتجار، بخصوص تدبير فترات الراحة البيولوجية التي يتم إقرارها من طرف الوزارة الوصية على شؤون هذا القطاع بالمملكة.
ومؤخرا، وجّهت مندوبية الصيد البحري بالداخلة إخبارا إلى المهنيين بخصوص منع صيد سمك القرب بالمياه المغربية (الكوربين) ابتداء من فاتح دجنبر إلى غاية الواحد والثلاثين منه، طبقا لقرار وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 543.24 الصادر في أكتوبر من سنة 2023.
وأشار مهنيون وفاعلون بالقطاع إلى “ضرورة إعمال المراقبة كما يجب خلال مثل هذه الفترات، أو حتى بعدها، على اعتبار أنها تعرف عدم التزام بعض المهنيين بأخلاقيات المهنة، بما لا يخدم الفلسفة التي تقوم عليها هذه الفترة، بالنظر إلى أن الاحتكار الناجم عن حالة الجشع لدى البعض ينشط في مثل هذه الفترات”، مؤكدين “أولوية العمل بأعلى درجات المراقبة وزجر المخالفين”.
تفاعلا مع الموضوع، قال حمزة التومي، الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة رئيس اتحاد تعاونيات “أسماك موانئ الصحراء”، إن “الإشكالية المطروحة حاليا عادة ما تكون دائما، سواء قبل أو خلال أو بعد فترات الراحة البيولوجية الخاصة بكل صنف على حدة، وهو الأمر نفسه بالنسبة لصنف الكوربين، التي ستتم بداية من شهر دجنبر”.
وأضاف التومي، في تصريح لهسبريس، أن “هناك من الفاعلين بالقطاع، بمن فيهم التجار، من يختارون احتكار هذا المنتوج البحري والإبقاء عليه مبرّدا في المخازن قبل توجيهه للمستهلك خلال فترة المنع التي تنطلق بداية شهر دجنبر من هذه السنة”، موردا أن “الإشكال مطروح كذلك حتى خلال فترة ما بعد الراحة البيولوجية، حيث يتم اصطياد هذا الصنف بشكل موسع يهدده بالاستنزاف”.
وذكر المتحدث أن “مثل هذا السلوك قبل وخلال وبعد فترات الراحة البيولوجية، لا يساهم في ضبط السوق وإنجاح مختلف التدابير التي يتم القيام بها في هذا الصدد من أجل ضمان الاستدامة”، مشددا على أهمية “أن تؤدي الراحة البيولوجية ما وُضعت لأجله، لأن عدم التقيد بمضامينها وفلسفتها دائما ما يعود بالسلب”.
وبيّن الفاعل سالف الذكر أن “ثمن الكوربين على سبيل المثال خلال الأسبوع الحالي لا يتجاوز 52 درهما للجملة، في حين سيباع خلال الأسبوع المقبل بما يصل إلى ضعف هذا السعر، أي سيتم بيعه بثمن المُهرّب، وهو ما يمثل مظهرا من مظاهر عدم أخذ بعض الفاعلين بأخلاقيات المهنة، إلى جانب عدم كون المراقبة شاملة بما يجعلها تساهم في إنجاح فترات الراحة البيولوجية وما بعدها”.
المعطيات نفسها تقريبا قدّمها فؤاد بودينة، مهني عضو الرابطة الوطنية للصيد البحري، الذي بيّن بداية أن “هناك أنواعا من المنتجات البحرية أسعارها 30 درهما أو أقل في الأوقات العادية، غير أنها تتضاعف خلال فترات الراحة البيولوجية، وهو ما يعود أساسا إلى عمليات احتكارية تتمثل أساسا في تخزين هذه الأنواع وتبريدها وترصّد الأوقات المناسبة لبيعها”.
وأضاف بودينة، في تصريح لهسبريس، أن “الضمير المهني في الأساس يفرض التقيد بكل ما تقرّه التدابير والسلطات الرسمية من أجل تنظيم السوق وتسويق المنتجات البحرية بكل سلاسة وفي إطار الشفافية، إلى جانب حماية الثروات البحرية من الممارسات الاستنزافية، خصوصا في ظل ما يعرفه العالم من تقلبات مناخية صارت ذات وقع سلبي على إنتاجية السواحل الوطنية”.
ونادى المتحدث ذاته بـ”عمليات مراقبة أكثر شمولية لسوق المنتجات البحرية، خصوصا خلال فترات الراحة البيولوجية، على اعتبار أنه إذا لم يكن هناك التزام بأخلاقيات المهنة، فالردعُ سيكون الخيار المطروح في هذا الصدد”.