أغلق

“قصة مؤلمة” رحلة السجين اللبناني جورج إبراهيم عبد الله في زنازين فرنسا وأهم أسرار حياته الشخصية

جورج إبراهيم عبد الله، الناشط اللبناني المعروف، هو إحدى الشخصيات البارزة التي تجسد صراعات الحقوق السياسية والاجتماعية في العالم،تعتبر قضيته رمزا معقدا للعدالة والانتهاكات في ظل صراعات الشرق الأوسط، وقد أثار قرار محكمة فرنسية الحديث عن إطلاق سراحه بعد أكثر من أربعين عاماً من الاعتقال نقاشات حادة في الأوساط السياسية والحقوقية،سنستعرض في هذا البحث تفاصيل تلك القضية، القرار القضائي، وكذلك ردود الفعل المرتبطة بها.

قصة جورج إبراهيم عبد الله

وُلد جورج إبراهيم عبد الله في لبنان، حيث عاش في خضم أحداث الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت من عام 1975 إلى 1990، تلك الحرب التي شكلت المرحلة الفاصلة في تفكيره وأفكاره السياسية،قام بالمشاركة في تأسيس الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهي تنظيم ماركسي مرتبط بسوريا ومعارض لإسرائيل، والتي نفذت عدة عمليات هجوم في أراضي فرنسا خلال الثمانينيات،يعكس هذا النشاط تأثير الصراع العربي الإسرائيلي على الواقع اللبناني ووجهة نظر عبد الله تجاه تلك الأحداث التاريخية.

تم اعتقال عبد الله في عام 1984 في مدينة ليون الفرنسية بعد اتهامه بالتواطؤ في عمليات اغتيال دبلوماسيين أمريكيين وإسرائيليين، بالإضافة إلى اتهامه بمحاولة اغتيال القنصل الأمريكي في ستراسبورغ،وفي عام 1987، صدر حكم بالسجن مدى الحياة بحقه، منذ ذلك الحين أصبح واحداً من أقدم السجناء حول العالم المرتبطين بالتوترات والمنازعات في الشرق الأوسط، مما ألقى الضوء على الوضع السياسي المعقد الذي عاشه في سجنه.

قرار المحكمة بالإفراج المشروط

في خطوة غير متوقعة، قامت محكمة تطبيق العقوبات الفرنسية بإصدار قرار للإفراج المشروط عن عبد الله بعد تقديمه للطلب الحادي عشر لذلك، لكن تحت شرط مغادرته الأراضي الفرنسية وعدم عودته إليها مرة أخرى،وفُقًا لهذا القرار، فإن الإفراج عنه مُحدد في 6 ديسمبر 2025، مما يشير إلى مرحلة جديدة محتملة في حياته بعد سنوات طويلة في السجن.

على الرغم من هذا التوجه، أعربت النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب عن نيتها استئناف الحكم، مما يزيد من تعقيد القضية ويطرح تساؤلات حول نتائج الاستئناف،وأبدى محامي جورج، جان لوي شالانسيه، تفاؤلاً خاصاً بشأن هذا القرار، واصفاً إياه بـ”الانتصار القضائي والسياسي” وأعرب عن أمله في أن تنتهي معاناة موكله بعد عقود من السجن القاسي.

خلفية الاعتقالات والاتهامات

في عام 1982، خلال سنوات الحروب الأهلية اللبنانية، اتُّهم عبد الله بتواطؤه في اغتيال

  1. الدبلوماسي الأمريكي تشارلز راي.
  2. الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف.

كما وُجهت إليه تهمة محاولة اغتيال القنصل الأمريكي روبرت أوم في عام 1984، مما يعكس المخاطر المتزايدة التي شهدتها تلك الفترة،ورغم أن القانون الفرنسي يتيح الإفراج المشروط بعد قضاء 15 عامًا من العقوبة، إلا أن جميع الطلبات السابقة لعبد الله قوبلت بالرفض بسبب التدخلات السياسية الشديدة وصعوبة الظروف الدبلوماسية آنذاك.

ردود الفعل على قرار المحكمة

لاقى قرار المحكمة بإطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله ردود أفعال متباينة

  • مظاهرات مؤيدة خرج حوالي 200 فرد في مدينة تولوز للاحتجاج والدعوة لدعمه، بينما نظم أكثر من ألفي شخص مظاهرة أمام سجن هوت بيرينيه بمناسبة مرور أربعين عاماً على احتجازه.
  • تصريحات داعمة عبرت الكاتبة الحائزة على جائزة نوبل آني إرنو عن دعمها لعبد الله، واصفة إياه بـ”الضحية التي تكشف عار نظام العدالة في فرنسا” وأكدت أن بقائه في السجن يمثل الظلم التاريخي.
  • تصريحات معارضة من ناحية أخرى، أعربت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب عن اعتراضها الشديد على قرار الإفراج وأعلنت عزمها على استئنافه، معتبرة أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى بروز جدل دولي.

التأثير السياسي والدولي

تعتبر قضية جورج إبراهيم عبد الله واحدة من أبرز القضايا التي تبرز العلاقة بين السياسة والقضاء في فرنسا، حيث أن استمرار احتجازه منذ عام 1984 يوضح التوترات السياسية والدبلوماسية المرتبطة بنشاطاته في الفصائل المسلحة،وقد أكّد المتحدث بإسم مجموعة “فلسطين ستنتصر” على ضرورة تكثيف حملة الدعم للإفراج عن عبد الله بشكل كامل، مشددًا على أهمية الافراج المشروط كخطوة أولى باتجاه تحقيق الحرية الكاملة له.

ماذا بعد الإفراج

في حال تم تنفيذ قرار الإفراج المشروط، سيتعين على عبد الله مغادرة فرنسا ليعود إلى لبنان، حيث سيكون في انتظاره استقبال شعبي حافل من قبل مؤيديه وأنصاره،ومع ذلك، تظل مسألة الاستئناف المقدم من النيابة العامة الفرنسية عقبة كبيرة أمام تحقيق ذلك، مما يترك مصير عبد الله معلقاً في انتظار سودان القرار النهائي حول قضيته لفترة أخرى.

خاتمة

تُعد قصة جورج إبراهيم عبد الله أكثر من مجرد حكاية عن سجين، بل هي تمثل جزءًا معقدًا من تاريخ الصراعات السياسية والحقوقية التي عانى منها الشرق الأوسط وأوروبا على حد سواء،مع إصدار القرار الأخير للإفراج المشروط، يبدأ فصل جديد قد يغير من مجرى القصة الأطول لعقود من الزمن،يبقى الأمل متجددًا لدى أنصاره في أن تتحقق الحرية الشاملة لجورج عبد الله بعد كل تلك السنوات الصعبة من الانتظار.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *