تحتل السينما مكانة هامة في الثقافة المصرية، حيث تسلط الأضواء على تنوع الحياة اليومية وتفاصيل المجتمع المصري،في هذا الإطار، تُعتبر فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فرصة سانحة لإعادة إحياء الأعمال السينمائية الكلاسيكية وتجديد الاهتمام بها،ومن بين الفعاليات المميزة لهذه الدورة، يتم عرض أفلام تم ترميمها، مما يتيح للجمهور فرصة استكشاف روائع السينما المصرية التي تعكس التاريخ والتراث الثقافي،في هذا المقال، سنستعرض فيلم “بين القصرين” وعوامل نجاحه وتأثيره على السينما العربية.
“بين القصرين” هو فيلم درامي مصري يُعبر عن جزء من ثلاثية الأديب الكبير نجيب محفوظ، والذي يُعتبر من أبرز الأعلام الأدبية في تاريخ مصر،يتناول الفيلم حياة أسرة مصرية تقليدية تعيش في أحد الأحياء الشعبية في القاهرة،تدور أحداث الفيلم حول شخصية السيد أحمد عبد الجواد، الذي يجسد شخصية رب الأسرة ذو السلطة الأبوية الصارمة،خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، يقوم الفيلم بإبراز تفاصيل الحياة اليومية للعائلة وصراعاتها مع التقاليد والروح الوطنية التي بدأت تتصاعد قبيل ثورة 1919.
يعتبر الفيلم مرآة تعكس التحديات الاجتماعية والثقافية التي واجهها المجتمع المصري في تلك الفترة،يتناول العديد من القضايا الجوهرية مثل الاستبداد الأسري، أحلام الشباب، والتمرد على العادات والتقاليد، من خلال قصص الشخصيات المختلفة في العائلة،كل شخصية تمثل جيلاً مختلفاً وأفكاراً متنوعة، مما يجعل الفيلم وثيقة درامية ثرية ومهمة تعكس تاريخ مصر خلال فترة مليئة بالصراعات.
علاوة على ذلك، تبرز العلاقات الأسرية في الفيلم، حيث يُظهر رب العائلة تعامله الصارم مع أفراد أسرته، بينما نرى من جهة أخرى كيف تُسهم التفاصيل واللحظات البسيطة في حياتهم في خلق توازن بين العبث والجدية،من بين الشخصيات، يظهر الابن فهمي، الذي ينخرط في تنظيم سياسي سري وهو بذلك يُعبر عن روح التمرد والسعي نحو التغيير،كما يوجد الابن الأكبر ياسين الذي يقتدي بنهج والده في سعيه وراء الإناث، مما يضفي أبعاداً إضافية على العمل.
مدة الفيلم وتوقيته
تمتد مدة عرض الفيلم إلى 135 دقيقة، وهو مدة تتيح للجمهور الاستمتاع بالأحداث المختلفة والتطورات الجوهرية في الحبكة،الفيلم سيُعرض اليوم عند الساعة السادسة مساءً، وقد أخرجه المخرج حسن الإمام الذي يعتبر من الأسماء البارزة في تاريخ السينما المصرية.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
أقيم حفل افتتاح الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي يوم الأربعاء الماضي، حيث تم تكريم عدد من الفنانين والمخرجين البارزين،يتضمن المهرجان تكريم المخرج الكبير بجائزة الهرم الذهبي تقديراً لإنجاز العمر، كما تم منح النجم أحمد عز جائزة فاتن حمامة للتميز، وأيضاً تكريم المخرج دانيس تانوفيتش، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية.
الأفلام المشاركة في المهرجان
تجدر الإشارة إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي يساهم في نشر الثقافة السينمائية ويعتبر منصة لتبادل الأعمال الفنية على مستوى العالم،هذه الدورة تشهد مشاركة حوالي 194 فيلمًا من 72 دولة، بالإضافة إلى 16 فيلمًا سيُعرضون على السجادة الحمراء، مما يعكس تنوع الأعمال وثراء التجارب السينمائية المعاصرة.
في الختام، يُعتبر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حدثًا بارزًا يُعيد إحياء كلاسيكيات السينما المصرية ويتيح للجمهور فرصة الاستمتاع بفن السرد السينمائي،يحمل فيلم “بين القصرين” رموزاً تاريخية وثقافية عميقة، ويُعتبر نموذجًا يحتذى به لعشاق السينما والباحثين عن فهم تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي،إن احتضان هذا النوع من الفنون يسهم بلا شك في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية بين الأجيال الحديثة.
